خطر فك الارتباط العسكري الأمريكي في أوروبا
ويكتسب هذا المنظور معناه الكامل عندما يتعلق الأمر بالقوة العسكرية الأعظم في حلف شمال الأطلسي، وعلى هذا الكوكب، الولايات المتحدة. لكن هذه بالضبط هي الفرضية التي تثيرها العودة المحتملة لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025، في حال فوزه في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني.
إن خطاب دونالد ترامب بشأن سياسته الدولية وبرنامجه الدفاعي يثير القلق في أوروبا.
وقد أوضح الرئيس الأميركي السابق، في عدة مناسبات، أنه يعتزم انتهاج سياسة خارجية ودفاعية تختلف، ليس فقط عن سياسة جو بايدن، بل أيضا عن تلك التي طبقها الحزب الجمهوري على مدى العقود الأربعة الماضية. مع مبدأ ريغان.
وبشكل ملموس، أعلن دونالد ترامب أنه يعتزم سحب الولايات المتحدة من التحالف إذا لم يستسلم الأوروبيون لمطالبه (دون تحديد تلك المطالب)، ولكنه أعلن أيضًا أنه يعتزم التوقف عن دعم أوكرانيا، لتركيز اهتمام البنتاغون الكامل على الصين والمحيط الهادئ. وبالإضافة إلى ذلك، سيكون هناك تخفيض كبير في ميزانيات الدفاع الأمريكية.
وبطبيعة الحال، تشكل مثل هذه التأكيدات سبباً للقلق في أوروبا، حتى ولو كانت مبنية في أغلب الأحيان على ملاحظات صحيحة. والحقيقة أن الولايات المتحدة لا تمثل اليوم القوة العسكرية الرائدة في حلف شمال الأطلسي فحسب، بل إن جيوشها وحدها تشكل أكثر من نصف قوتها العسكرية، في حين تعتمد كل الجيوش الأوروبية تقريباً على معدات أمريكية الصنع.
الناتو، قوة نووية مزيفة حقيقية
علاوة على ذلك، يعتمد التحالف على القدرات الأمريكية، سواء في البنتاغون أو في صناعتها الدفاعية، في العديد من المجالات، مثل الاستخبارات أو القدرات القيادية أو النقل اللوجستي.
والحقيقة أن الولايات المتحدة في قوات الاحتياط وهذا هو أيضاً حال القدرة الجيوسياسية الاستراتيجية للحلف منذ إنشائه، أي حماية أعضائه، التي يضمنها الردع الأميركي.
طائرة F-35A تسقط قنبلة نووية من طراز B-61Mod12.
وفي الواقع، إذا انسحبت واشنطن من حلف شمال الأطلسي، فمن المرجح أن يحدث الشيء نفسه فيما يتعلق بمشاركة الولايات المتحدة في الردع النووي الجماعي الأوروبي.
بادئ ذي بدء، فإن "الردع المشترك" الشهير، والذي كان أداة مفيدة للغاية لإقناع بعض البلدان، مثل ألمانيا، باللجوء إلى طائرات F-35، لم يعد ضروريا. دعونا نتذكر، من أجل كافة الأغراض العملية، أن هذا الردع "مشترك" بالاسم فقط. وبشكل ملموس، تظل الأسلحة النووية، قنابل الجاذبية B-61، بالكامل تحت سيطرة الولايات المتحدة، التي تمتلك وحدها القدرة على تسليحها.
أما بالنسبة للقوتين النوويتين الأوروبيتين الأخريين، فرنسا وبريطانيا العظمى، فلم تقما قط بدمج برنامج الردع المشترك، وتضمنان من جانب واحد السيطرة على غواصات الصواريخ الباليستية وقاذفات القنابل المقاتلة المسلحة بالصواريخ النووية (بالنسبة لفرنسا).
وفي هذا السياق، نفهم أن هذا الردع الأميركي، المطبق على أعضاء حلف شمال الأطلسي، يشكل بالنسبة للعديد من البلدان العامل الموحد للحلف. وإذا تراجعت واشنطن، فيمكننا أن نفترض أن العديد من المستشاريات ستتخذ مساراً مستقلاً، وخاصة في مواجهة خصم مثل روسيا ورؤوسها الحربية النووية المسلحة التي يبلغ عددها 2000 رأس. وليس هناك ما يضمن قدرة باريس ولندن على وقف مثل هذه الظاهرة، خاصة في أوقات الأزمات.