مصمم أكبر مكتبة في العالم..متهم بالإرهاب
سادت حالة من الدهشة ردود الأفعال المصرية إزاء قيام السلطات البريطانية باعتقال ممدوح حمزة -أبرز مستشار هندسي مصري في العالم-، وخاصة بعد ورود أنباء عن أن التهم الموجهة إليه تتصل بالإرهاب والتآمر لاغتيال وزراء ومسئولين في مصر، وطالب وزير الخارجية المصري اليوم الاثنين 26-7-2004 تلك السلطات بتفسير رسمي حول أسباب اعتقاله.
ومن جانبهم نفى وزراء أوردت أسماءهم صحيفة مصرية باعتبارهم على قائمة الاغتيالات المتهم بها المهندس المصري الذي أشرف على بناء مكتبة الإسكندرية –التي بنيت بتمويل دولي وتعد الأكبر من نوعها في العالم- أن يكونوا قد تلقوا في أي وقت تهديدات بالقتل خلال وجودهم داخل مصر أو خارجها، ولكن متحدثة باسم الشرطة البريطانية أكدت من جانبها أن المصري المعتقل في لندن وجهت إليه 4 تهم تحريض على القتل، ولكنها لم تتمكن من تأكيد مهنة المعتقل ولا تاريخ اعتقاله.
وحسب رجال أعمال مصريين مقيمين في لندن تحدثوا لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية الصادرة اليوم فإن اعتقال الدكتور حمزة بعد وصوله الى لندن بساعات قليلة جاء بناء على «بلاغ كيدي» من شخصية مصرية كبيرة، ولكن بيانا أصدره لاسكتلنديارد يارد أمس كشف ان الدكتور ممدوح حمزة اعتقل يوم 12 يوليو (تموز) الماضي للتحقيق معه فيما نسب اليه من اربع تهم تتعلق بالتحريض على القتل بمركز شرطة تشارنج كروس بوسط لندن.وقال بيان اسكتلنديارد ان الدكتور حمزة مثل امام محكمة الاولد بيلي «الجنائية الكبرى» يوم الاربعاء الماضي في التهم الموجهة اليه، ومددت المحكمة البريطانية احتجازه في احد السجون بالعاصمة لندن «وكشف مصدر مقرب من شرطة اسكتلنديارد ان محكمة الاولد بيلي رفضت في الجلسة الاخيرة الافراج عن العالم المصري بكفالة». ولم يتسن معرفة موعد مثول الخبير المصري امام المحكمة الجنائية البريطانية بسبب عطلة نهاية الاسبوع.
وحسب صحيفة "الشرق الأوسط" فإن خبر القبض على الدكتور حمزة في لندن أثار في القاهرة حالة من الغموض أمس حيث فوجئ المصريون بتوقيف الدكتور حمزة في بريطانيا قبل أيام حينما توجه الى لندن لحضور حفل الاستقبال السنوي الذي تقيمه ملكة بريطانيا تحت اسم «حدائق الملكة» بتهمة التخطيط لاغتيال شخصيات سياسية قيل ان من بينها رئيس البرلمان المصري الدكتور فتحي سرور ووزير الإسكان الدكتور محمد إبراهيم سليمان.وقالت زوجته السيدة أميمة حاتم في اتصال هاتفي اجرته معها «الشرق الأوسط» من لندن انها تنتظر رد المحكمة اليوم في بريطانيا لتحديد موعد جديد لمقابلة زوجها الذي تحتجزه سلطات اسكتلنديارد منذ أكثر من عشرة أيام، مؤكدة انها التقته مرة واحدة قبل ذلك لمدة نصف ساعة.وأكدت أميمة حاتم ان زوجها كان في حالة سيئة، وكانت هي الاخرى منهارة عندما التقته في مركز شرطة تشارنج كروس، وأكد لها انه لا يعرف شيئا عما يقال بشأن التخطيط لمحاولة اغتيال وزير الإسكان المصري محمد إبراهيم سليمان، مؤكدا ان ما يحدث مكيدة سوف يتم كشفها، كما نفت زوجته ما تردد من شائعات القبض على زوجها بأنه يمول جماعات مقاومة فلسطين أو انه شارك في تأسيس منشآت نووية ايرانية، مشيرة الى انها شائعات مغرضة.
وحول ظروف القبض على زوجها الذي كان يزور بريطانيا بدعوة من الملكة للمشاركة في الحفل السنوي، قالت انه تلقى اتصالا هاتفيا من أحد الأشخاص بعد ساعات قليلة من وصولهما الى لندن وطلب الشخص خلال الاتصال لقاء زوجها، وقابل زوجها الطلب بالقبول وذهب للقاء هذا الشخص، مؤكدة انه لم يعد بعد هذا اللقاء.وأكدت زوجة حمزة ان أداء زوجها لم يقتصر على الجانب العلمي والهندسي ولكن كانت له اسهامات خيرية كثيرة كان من بينها تبرعه بنحو 2.5 مليون جنيه لبناء مستشفى السرطان في مصر.من جانبه قال نائب رئيس مجلس ادارة مكتب حمزة للاستشارات الهندسية الدكتور احمد راشد للصحيفة ان الدكتور ممدوح حمزة يرتبط بعلاقات ودودة ومهمة مع الكثيرين، وانه اعتاد السفر لإلقاء الكثير من المحاضرات في مجال تخصصه في ميكانيكا التربة التي أعد فيها نحو 35 بحثا علميا.وأوضح احمد راشد ان زيارة حمزة للندن كان مقررا لها ان تستغرق اسبوعا واحدا لذلك لم يتم عمل الاجراءات المعتادة في تسيير عمل المكتب كما يحدث في سفرياته الطويلة، لافتا الى انه سبق لحمزة الاعتذار عن تلبية دعوة مماثلة لملكة بريطانيا قبل عامين لظروف عمله.وأشار الدكتور راشد الى ان عمل مكتب حمزة يقتصر على النواحي المهنية والعلمية، وليس له توجه سياسي محدد، مشيرا الى ان معظم كتاباته في الصحف كانت تعتمد علي الشكل المهني، مؤكدا ان آخر محاضرة خارجية ألقاها حمزة كانت في اميركا في شهر مايو (أيار) الماضي وكانت حول قناة السويس والجانب العلمي لها وذلك بدعوة من جمعية المهندسين المدنيين الاميركية.
من ناحيته نفى الدكتور احمد فتحي سرور رئيس البرلمان المصري تلقيه أية تهديدات بالاغتيال خلال رحلاته خارج مصر، وقال تعليقا على الاتهامات الموجهة من سلطات الأمن البريطانية للمهندس الاستشاري المصري ممدوح حمزة والمقبوض عليه في لندن بتهمة التحريض على اغتيال وزير الإسكان وشخصيات سياسية أخرى انه ليس لديه علم بتلك الاتهامات إلا من خلال ما نشر بالصحف.كما نفى كمال الشاذلي وزير شؤون البرلمان علم أو مقابلة للمهندس الاستشاري، مؤكدا عدم تلقيه أية تحذيرات بشأن وجود محاولات لاغتياله أو قتله.كما نفى وزير الإسكان المصري الدكتور محمد إبراهيم سليمان وجود أية صلة له بواقعة القبض على المهندس الاستشاري المصري ممدوح حمزة في العاصمة البريطانية لندن، وأشار الوزير المصري انه فوجئ بهذا الموضوع، وقال انه يدرس الرد المناسب على الزج باسمه في تلك القضية واصدار بيان في وقت لاحق لتوضيح الحقيقة وكشف اي غموض أو لبس.
من ناحية أخرى تقوم وزارة الخارجية المصرية باتصالات وجهود دبلوماسية مكثفة للوقوف على ملابسات موضوع احتجاز حمزة في بريطانيا، فيما رفضت السفارة البريطانية في القاهرة التعليق على هذا الحادث، كما نفت ان يكون لديها أية معلومات عنه وأمسكت مصادر السفارة عن الإدلاء بأية تفاصيل بانتظار ما سوف يخرج عن لندن والحكومة البريطانية بهذا الخصوص.وكان وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط أعلن أمس الأحد ان مصر طلبت تفسيرات من السلطات البريطانية حول اسباب توقيف المهندس المصري المشهور، وقال للصحافيين ان "وزارة الخارجية تلقت بكثير من القلق أنباء القبض فى لندن على المهندس المصري الدكتور ممدوح حمزة".
واضاف انه "كلف السفير اسماعيل خيرت القائم باعمال السفير المصري فى لندن بضرورة اجراء اتصال عاجل مع الجانب البريطانى للتعرف على حقيقة ملف هذه القضية وما هي الاتهامات الموجهة للدكتور ممدوح حمزة وبالتالي التعرف على كيفية التعامل معها".
وكانت مصادر دبلوماسية مصرية ذكرت أن اتصالا أجرته أمس وزارة الخارجية مع سفارتها في لندن طلبت خلاله سرعة موافاتها بتقرير عاجل حول كافة ملابسات هذا الموضوع، واجراء اتصالات مع الحكومة البريطانية للوقوف على حقيقة أسباب احتجازها هذا المواطن واطلاع القاهرة على موقفه وما تواتر من اتهامات بشأنه.وشككت مصادر مطلعة في جدية ما نشر من تقارير حول ملابسات عملية احتجاز المهندس الاستشاري المصري كمبرر لاتهامه قيد التحقيق، فيما نوهت بمكانته وخبراته بجانب ان ما هو منسوب إليه يثير علامات استفهام عديدة سواء من حيث صعوبة قبوله لعدم وجود أية سابقة تقطع بانخراطه في أية تنظيمات ولكونه يدير مشروعات وأعمالا ضخمة في مصر وأمثال هؤلاء يستبعد معهم التورط حتى ولو بالتخطيط لأية عمليات إرهابية، يضاف الى ذلك عدم وجود خصومات شخصية أو منازعات بينه وبين من أشير الى انه استهدفهم، فيما تساءلت المصادر عن مدى صلة بريطانيا بهذه القضية برمتها لكون كل اطرافها مصريين حتى لو انطوت على بعض الحقائق وهي كلها قصة مشكوك فيها.يذكر أن الدكتور ممدوح مصطفى حمزة المولود في القاهرة في يوليو (تموز) 1947 يعد من أنجح مهندسي الاستشارات ليس علي مستوى مصر فقط، ولكن على مستوى العالم وهو خريج هندسة القاهرة عام 1970 وحصل على الماجستير من لندن في ميكانيكا التربة وماجستير من ويلز في ميكانيكا التربة وعمل مدرسا هناك في نفس التخصص وشارك في العديد من المشروعات المهمة في مصر وفي مختلف دول العالم من أشهرها مكتبة الإسكندرية، شرق التفريعة، العين السخنة، خليج العقبة بالأردن، مبنى وزارة المالية الجزائرية، وله ابنان محمد يدرس بالخارج، ومي في المرحلة الثانوية.
وتعد مكتبة الإسكندرية التي قام ممدوح حمزة بالتخطيط لها، قد تم افتتاحها في أكتوبر 2002 بحضور 3 آلاف شخصية عالمية بينهم 6 من الرؤساء والملوك و14 من الحائزين على جائزة نوبل، ويتميز البناء بشكله الدائري المنحني وبمساحته العامة البالغة 85 ألف متر مربع, مع قاعة قراءة مساحتها 20 ألف متر مربع هي الأكبر في العالم وتتسع لملايين الكتب. ويضم المبنى في جانب آخر عدة متاحف ومركزا للاجتماعات وقاعات للمعارض ومختبرا للحفظ والترميم ومركزا للتدريب أيضا.